فدعاه ربه أن هؤلاء قوم مجرمون. فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون، واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون.
إن التعبير ب " مغرقون " مع أنهم لم يكونوا قد غرقوا بعد إشارة إلى أن هذا الأمر الإلهي حتمي وقطعي.
ولنر الآن ماذا جرى من الحوادث التي تدعو إلى الاعتبار بها، بعد غرق فرعون والفراعنة.
يبين القرآن الكريم في الآيات التالية تركة الفراعنة العظيمة التي ورثها بنو إسرائيل، ضمن خمسة مواضيع تكون الفهرس العام لكل حياة الفراعنة، فيقول أولا: كم تركوا من جنات وعيون.
لقد كانت البساتين والعيون ثروتين من أهم وأروع ثروات هؤلاء، لأن مصر كانت أرضا خصبة مليئة بالبساتين بوجود نهر النيل. وهذه العيون يمكن أن تكون إشارة إلى العيون التي كانت تنبع هنا وهناك، أو أنها جداول كانت تستمد مياهها من النيل، وتمر في بساتين أولئك وحدائقهم الغناء الخضراء، وليس بعيدا إطلاق العين على هذه الجداول.
ثم يضيف القرآن الكريم وزروع ومقام كريم وكانت هاتان ثروتين مهمتين أخريين، فمن جهة كانت الزراعة العظيمة التي تعتمد على النيل، حيث أنواع المواد الزراعية الغذائية وغيرها، والمحصولات التي امتدت في جميع أنحاء مصر، وكانوا يستخدمونها غذاءا لهم ويصدرون الفائض منها إلى الخارج، ومن جهة أخرى كانت القصور والمساكن العامرة، حيث أن من أهم مستلزمات حياة الإنسان هو المسكن المناسب.
لاشك أن هذه القصور كريمة من الناحية الظاهرية، ومن وجهة نظر هؤلاء أنفسهم، وإلا فإن مساكن الطواغيت المزينة هذه، والتي تسبب الغفلة عن الله، لا قيمة لها في منطق القرآن.