الراغب في مفرداته يقول: " الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها ".
قلنا تكرارا بأن الخوف من الله بمعنى الخوف من المسؤولية التي يواجهها الإنسان، الخوف من أن يقصر في أداء رسالته ووظيفته، ناهيك عن أن إدراك جسامة تلك المسؤولية يؤدي أيضا إلى الخشية، لأن الله المطلق قد عهد بها إلى الإنسان المحدود الضعيف، (تأمل بدقة)!!
كذلك يستفاد من هذه الجملة ضمنا بأن العلماء الحقيقيين هم أولئك الذين يستشعرون المسؤولية الثقيلة حيال وظائفهم، وبتعبير آخر: أهل عمل لا كلام، إذ أن العلم بدون عمل دليل على عدم الخشية، ومن لا يستشعر الخشية لا تشمله الآية أعلاه.
هذه الحقيقة وردت في حديث عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) حيث يقول: " وما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله، وإن أرباب العلم وأتباعهم (هم) الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه، وقد قال الله: إنما يخشى الله من عباده العلماء " (1).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية " يعني بالعلماء من صدق قوله فعله ومن لم يصدق قوله فعله فليس بعالم " (2).
وفي حديث آخر جاء " أعلمكم بالله أخوفكم لله " (3).
ملخص القول أن العلماء - بالمنطق القرآني - ليسوا أولئك الذين تحولت أدمغتهم إلى صناديق للآراء والأفكار المختلفة من هنا وهناك ومليئة بالقوانين والمعادلات العلمية للعالم وتلهج بها ألسنتهم، أو الذين سكنوا المدارس