نفس الوقت، إذ أن بقاءه في داخل بطن الحوت أدى إلى أن يصبح جلده رقيقا جدا وحساسا، بحيث يتألم إن استقرت عليه حشرة.
ويحتمل أن الباري عز وجل يريد من هذه المرحلة إكمال الدرس الذي أعطاه ليونس في بطن الحوت، إذ كان عليه أن يحس بتأثير حرارة الشمس على جلده الرقيق، كي يبذل جهدا وسعيا أكثر - عندما يتسلم القيادة في المستقبل - لإنقاذ أمته من نار جهنم، وقد ورد هذا المضمون في روايات متعددة (1).
نترك الحديث عن يونس ونعود إلى قومه، فبعد أن ترك يونس قومه وهو غضبان، ظهرت لقومه دلائل تبين لهم قرب موعد الغضب الإلهي، هذه الدلائل هزت عقولهم بقوة وأعادتهم إلى رشدهم، ودفعتهم إلى اللجوء للشخص (العالم) الذي كان آمن بيونس وما زال موجودا في المدينة، واتخاذه قائدا لهم ليرشدهم إلى طريق التوبة.
وورد في روايات أخرى أنهم خرجوا إلى الصحراء، وفرقوا بين المرأة وطفلها، وحتى بين الحيوانات وأطفالها، وجلسوا يبكون وينتحبون بأعلى أصواتهم، داعين الله سبحانه وتعالى بإخلاص أن يتقبل توبتهم ويغفر ذنوبهم وتقصيرهم بعدم اتباعهم نبي الله يونس.
وهنا أزاح الله عنهم سحب العذاب وأنزلها على الجبال، وهكذا نجا قوم يونس التائبون المؤمنون بلطف الله (2).
بعد هذا عاد يونس إلى قومه ليرى ماذا صنع بهم العذاب الإلهي؟ ولكن ما إن عاد إلى قومه حتى فوجئ بأمر أثار عنده الدهشة والعجب، وهو أنه ترك قومه في ذلك اليوم يعبدون الأصنام، وهم اليوم يوحدون الله سبحانه.
القرآن يقول هنا: وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون كانوا قد آمنوا بالله،