3 3 - دروس وعبر كبيرة في قصص صغيرة:
وكما نعرف، فإن استعراض القرآن لهذه القصص يهدف إلى تربية الإنسان، لأن القرآن ليس كتاب قصص وإنما هو كتاب هدفه بناء الإنسان وتربيته.
من هذه القصة العجيبة يمكن استخلاص الكثير من المواعظ والعبر:
أ - ترك النبي للعمل بالأولى يعد أمرا مهما عند الله، ويؤدي إلى مجازاة ذلك النبي، لأن مرتبة الأنبياء عالية جدا، وأبسط غفلة منهم تعادل ذنبا كبيرا يرتكبه عوام الناس، ولهذا السبب أطلق الله سبحانه وتعالى تسمية (الآبق) على عبده يونس في هذه الآية، والتي تعني العبد الهارب.
وقد ورد في بعض الروايات أن ركاب السفينة كانوا يقولون: هناك شخص عاص بيننا!
وعاقبة الأمر أن الباري عز وجل ابتلاه بسجن رهيب، ثم أنقذه منه بعد أن تاب وعاد إلى الله، وكان منهار القوى مريضا.
ذلك ليعرف الجميع أن التواني غير مقبول من أي أحد، فعظمة مرتبة أنبياء وأولياء الله إنما يحصلون عليها من طاعتهم الخالصة لأوامر الله سبحانه وتعالى، وإلا فالله لا تربطه صلة قربى مع أي أحد، وإن الموقف الحازم الذي اتخذه الله تجاه عبده يونس يوضح عظمة مرتبة هذا النبي الكبير.
ب - أحداث هذه القصة (وخاصة ما ورد في الآية (87) من سورة الأنبياء) كشفت عن سبيل نجاة المؤمنين من الغم والحزن والابتلاءات والمشاكل، وهو نفس السبيل الذي انتهجه يونس، وهو اعترافه بخطئه أمام الله وتسبيحه الله وتنزيهه والعودة إليه.
ج - هذه القصة توضح كيف أن قوما مذنبين مستحقين للعذاب يستطيعون في آخر اللحظات تغيير مسيرتهم التأريخية، بعودتهم إلى أحضان الرحمة الإلهية، وإنقاذ أنفسهم من العذاب، وهذا مشروط بالصحوة من غفلتهم قبل فوات الأوان،