التي لم ترفض فقط التمسك بالتعليمات التي جاء بها، وإنما عمدت - أحيانا - إلى تقديم العون لأعدائه.
وقد عذب الله قوم لوط بأشد العذاب، إذ خسف بهم الأرض ثم أمطر عليهم حجارة من سجيل، ليهلكوا عن آخرهم، وتمحى أجسادهم من الوجود أيضا.
وباعتبار أن هذه الآيات كانت مقدمة لإيقاظ الغافلين والمغرورين، فقد أضاف القرآن الكريم وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. أي إنكم تمرون في كل صباح بجانب ديارهم الخربة من جراء العذاب.
كما تمرون من هناك في الليل أفلا تعقلون؟ وبالليل أفلا تعقلون.
هذه الآيات تخاطب قوافل أهل الحجاز التي كانت تذهب ليلا ونهارا إلى بلاد الشام عبر مدن قوم لوط، وتقول: لو كان لهم آذان حية لسمعوا الصراخ المذهل والعويل المفزع لهؤلاء القوم المعذبين.
لأن آثار ديار قوم لوط الخربة تحكي بصمت دروسا كبيرة لكل المارين من هناك، وتحذر من الابتلاء بمثل هذا العذاب.
نعم، إنه درس ما أكثر العبر فيه، ولكن المعتبرين منه قليل " ما أكثر العبر وأقل الاعتبار " (1).
ونظير هذا المعنى موجود في الآية (76) من سورة الحجر، والتي تقول بعد بيان قصة قوم لوط وإنها لبسبيل مقيم أي إن آثارهم تقع دائما في طريق القوافل والمشاة المارين من هناك.
وفسرت رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) الآية بشكل آخر، فعندما سأله أحد أصحابه عن معنى الآية وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون أجاب الإمام الصادق قائلا: " تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم في القرآن