أو أنهم كانوا يحسون بأن المجتمع لا يتقبل رسالتهم، كانوا يهاجرون كي لا تتوقف رسالتهم.
وهذه الهجرة كانت مصدر بركات كثيرة على طول تاريخ الأديان، حتى أن تاريخ الإسلام من الناحيتين الظاهرية والمعنوية يدور حول محور هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولولا الهجرة لكان الإسلام قد غرق - وإلى الأبد - في مستنقع عبدة الأصنام في مكة. فالهجرة هي التي أعطت روحا جديدة للإسلام والمسلمين، وغيرت كل شئ لصالحهم، وخطت للبشرية طريقا جديدا للسير عليه.
وبعبارة واحدة: فالهجرة برنامج عام لكل مؤمن عندما يشعر في وقت من الأوقات أن الجو الذي يعيش فيه غير متناسب مع أهدافه المقدسة، ويبدو كأنه مستنقع عفن يفسد كل ما فيه، فتكليفه الهجرة، وعليه أن يحزم حقائب السفر، وينتقل إلى مناطق أفضل، فأرض الله واسعة.
والهجرة قبل أن تكون ذات طابع ذاتي خارجي، فهي ذات طابع ذاتي داخلي، ففي بداية الأمر يجب على القلب والروح هجر الفساد إلى الطهارة، وهجر الشرك إلى الإيمان، وهجر المعاصي إلى طاعة الله العظيم.
فالهجرة الداخلية هي بداية تغير الفرد والمجتمع، ومقدمة للهجرة الخارجية، وقد بحث هذا الموضوع بصورة مفصلة في هذا التفسير وفي موضوع يتحدث عن الإسلام والهجرة، وذلك بعد الآية (100) في سورة النساء.
* * *