في حين يرى البعض الآخر أن الآيات المذكورة إنما هي من قبيل الأمثال المضروبة تصور بها الحقائق الخارجة عن الحس في صورة المحسوس لتقريبها من الحس، وهو القائل عز وجل: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون. (1) وأضافوا: إن المراد من السماء التي تسكنها الملائكة، عالم ملكوتي ذو أفق أعلى من عالمنا المحسوس، والمراد باقتراب الشياطين من السماء واستراقهم السمع وقذفهم بالشهب، هو أن هذه الشياطين كلما حاولت الإقتراب من عالم الملائكة للاطلاع على أسرار الخليقة والحوادث المستقبلية، طردت من هناك بواسطة نور الملكوت الذي لا يطيقونه، ورمتهم الملائكة بالحق الذي يبطل أباطيلهم.
وإيراده تعالى قصة استراق الشياطين للسمع ورميهم بالشهب، عقيب الإقسام بملائكة الوحي وحفظهم إياه عن مداخلة الشياطين لا يخلو من تأييد لما ذكرناه (2).
ويحتمل أيضا أن السماء هنا هي كناية عن سماء الإيمان والمعنويات التي يحاول الشياطين النفوذ إليها، إضافة إلى الانسلال إلى قلوب المؤمنين عن طريق الوساوس التي يبثونها في قلوبهم، إلا أن الأنبياء والصالحين والأئمة المعصومين من أهل البيت والسائرين على خطهم الفكري والعملي يهاجمون الشياطين بالشهاب الثاقب الذي يمتلكونه، ألا وهو العلم والتقوى، ويمنعون الشياطين من الإقتراب من هذه السماء.
التفسير المذكور أوردناه هناك كاحتمال، وذكرنا بعض الدلائل والشواهد عليه في نهاية الآية (18) من سورة الحجرات.
هذه ثلاثة تفسيرات مختلفة للآيات مورد البحث والآيات المشابهة لها.
* * *