رغم أن القرائن تشير إلى أن المراد من كلمة " الصافات " هو الملائكة، إضافة إلى أن بعض الروايات قد أشارت إلى ذلك المعنى (1).
وليس هناك أي مانع من أن تشمل كلمة " الزاجرات " الملائكة الذين يطردون وساوس الشياطين من قلوب بني آدم، والإنسان الذي يؤدي واجب النهي عن المنكر.
و " التاليات " إشارة إلى كل الملائكة والجماعات المؤمنة التي تتلو آيات الله، وتلهج بذكره تبارك وتعالى على الدوام.
هنا يطرح هذا السؤال: ظاهر هذه الآيات - وبمقتضى وجود العطف بحرف (الفاء) بين الجمل الثلاث - يبين أن الطوائف الثلاث جاءت الواحدة بعد الأخرى، فهل أن هذا الترتيب جاء بحكم الواجب المترتب على كل طائفة؟ أم كل حسب مقامه؟ أم لكلا الأمرين؟
من الواضح أن الاصطفاف والاستعداد قد جاءا كمرحلة أولي، ثم جاءت - كمرحلة ثانية - عملية إزالة العراقيل من الطريق. أما إعلان الأوامر وتنفيذها فقد كانت بمثابة المرحلة الثالثة.
ومن جهة أخرى فإن المستعدين لتنفيذ الأوامر الإلهية لهم مرتبة، والذين يزيلون العراقيل لهم مرتبة أعلى، أما الذين يتلون الأوامر وينفذونها فلهم مرتبة أسمى من الجميع.
على أية حال فإن قسم الله سبحانه وتعالى بتلك الطوائف يوضح عظم منزلتهم عند الباري عز وجل، ويشير إلى حقيقة مفادها أن سالكي طريق الحق عليهم للوصول إلى غايتهم أن يجتازوا تلك المراحل الثلاث والتي تبدأ بتنظيم الصفوف ووقوف كل مجموعة في الصف المخصص لها، ومن ثم العمل على إزالة العراقيل من الطريق، ورفع الموانع بالصوت العالي، الصوت الذي يتناسب مع مفهوم الزجر،