من المسلم أن المقصود بهؤلاء القوم هم المشركون في مكة، وإذا قيل أنه لم تخل أمة من منذر، وأن الأرض لا تخلو من حجة لله، علاوة على أنه تعالى يقول في الآية (24) من سورة فاطر وإن من أمة إلا خلا فيها نذير؟
فنقول: إن المقصود من الآية - مورد البحث - هو المنذر الظاهر والنبي العظيم الذي ملأ صيته الآفاق، وإلا فإن الأرض لم تخل يوما من حجة لله على عباده، وإذا نظرنا إلى الفترة من عصر المسيح (عليه السلام) إلى قيام الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) نجدها لم تخل من الحجة الإلهية، بل إنها فترة من قيام اولي العزم، يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بهذا الخصوص " إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس أحد من العرب يقرأ كتابا ولا يدعي نبوة! ". (1) وعلى كل حال فإن الهدف من نزول القرآن الكريم كان تنبيه الناس الغافلين، وإيقاظ النائمين، وتذكيرهم بالمخاطر المحيطة بهم، والذنوب والمعاصي التي ارتكبوها، والشرك وأنواع المفاسد التي تلوثوا بها، نعم فالقرآن أساس العلم واليقظة، وكتاب تطهير القلب والروح.
ثم يتنبأ القرآن الكريم بما يؤول إليه مصير الكفار والمشركين فيقول تعالى:
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون.
إحتمل المفسرون هنا العديد من الاحتمالات في المراد من " القول " هنا.
الظاهر أنه ذلك الوعيد الإلهي لكل أتباع الشيطان بالعذاب في جهنم، فمثله ما ورد في الآية (13) من سورة السجدة ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين. كذلك في الآية (71) من سورة الزمر نقرأ ولكن حقت