ومن جانب آخر فإن وصف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه على صراط مستقيم، بمعنى أن محتوى دعوته يتضح من سبيله القويم، وماضيه أيضا دليل على أنه لم يسلك في حياته سوى الطريق المستقيم.
وقد أشرنا في البحوث التي أوردناها حول أدلة حقانية الرسل، إلى أن أحد أهم الطرق لإدراك حقانية الرسل، هو التحقق والاطلاع على محتوى دعواتهم بشكل دقيق، الأمر الذي يؤكد دائما أنها متوافقة ومنسجمة مع الفطرة والعقل والوجدان، وقابلة للإدراك والتعقل البشري، إضافة إلى أن تأريخ حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يدلل على أنه رجل أمانة وصدق، وليس رجل كذب وتزوير.. هذه الأمور قرائن حية على كونه رسول الله، والآيات أعلاه في الحقيقة تشير إلى كلا المطلبين، وعليه فإن القسم والدعوى أعلاه لم يكونا بلا سبب أبدا.
ناهيك عن أنه من حيث أدب المناظرة، فإنه لأجل النفوذ في قلوب المنكرين والمعاندين يجب أن تكون العبارات في طرحها أكثر إحكاما وحسما ومصحوبة بتأكيد أقوى، كيما تستطيع التأثير في هؤلاء.
يبقى سؤال: وهو لماذا كان المخاطب في هذه الجملة شخص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس المشركين أو عموم الناس؟
الجواب هو التأكيد على أنك يا أيها النبي على الحق وعلى الصراط المستقيم، سواء إستجاب هؤلاء أو لم يستجيبوا، لذا فإن عليك الاجتهاد في تبليغ رسالتك العظيمة، ولا تعر المخالفين أدنى اهتمام.
الآية التالية تشرح الهدف الأصلي لنزول القرآن كما يلي ولتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون (1) أي إنه لم يأت نذير لآبائهم.