باختصار إلى بعض خصوصيات وجزئيات حياتهم.
يقول تعالى: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية.
وكما سنرى فإن عظمة هذه الآية تنبع من أنهم بالاستفادة من خصوصيات موقعهم وطريقة إحاطة الجبال بمنطقة سكناهم وبالذكاء العالي الذي وهبهم الله، استطاعوا حصر مياه السيول - التي لا تخلف وراءها إلا الدمار - خلف سد عظيم، وبذا عمروا دولة رفيعة التمدن، فكانت آية عظيمة أن يتحول سبب الخراب والدمار إلى عامل رئيسي من عوامل العمران والتمدن!!
" سبأ " اسم من؟ وما هي؟. الموضوع مورد أخذ ورد بين المؤرخين، ولكن المشهور هو أن " سبأ " اسم " أبي العرب " في اليمن، وطبقا للرواية الواردة عن " فروة بن مسيك " أنه قال: " سألت رسول الله عن " سبأ " أرجل هو أم امرأة؟ فقال:
هو رجل من العرب ولد له عشرة، تيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار ومجد. فقال رجل من القوم: ما أنمار؟ قال: الذين منهم خثعم وبجيلة، وأما الذين تشاءموا فعاملة وجذام ولخم وغسان. فالمراد بسبأ هاهنا القبيلة الذين هم أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان " (1).
وبعضهم ذهب إلى أن " سبأ " اسم لأرض اليمن أو لإحدى مناطقها. وظاهر الآيات القرآنية التي تحدثت في قصة سليمان (عليه السلام) و (الهدهد) أشارت إلى هذا المعنى أيضا ففي الآية (22) من سورة النمل، يقول تعالى على لسان الهدهد:
وجئتك من سبأ بنبأ يقين يعني لقد جئتك من أرض سبأ بنبأ يقين.
في حال أن ظاهر الآية مورد البحث هو أن " سبأ " كانوا " قوما " عاشوا في تلك المنطقة، بلحاظ أن ضمير " هم " في " مساكنهم " يعود عليهم.