وكذلك فإن الإنسان قد يغفل في هذه الدنيا فيحمد بعض المخلوقات، متوهما استقلالها، إلا أنه في الآخرة، وحيث يتضح ارتباط الكل به تعالى كارتباط أشعة الشمس بقرصها، فإن الإنسان لن يؤدي الحمد والثناء إلا لله سبحانه.
فضلا عن كل هذا، فقد ورد مرارا في القرآن الكريم - أيضا - أن أصحاب الجنة يحمدون الله حين دخولهم جنات الخلد: وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن. (1) وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. (2) على كل حال فإن هذا الحمد والثناء لا ينطلق من ألسنة الناس والملائكة فقط، بل تسمع همهمة الحمد والتسبيح من كل ذرة في عالم الوجود بإدراك العقل، فليس من موجود إلا ويحمده ويسبحه تعالى.
تنتقل الآية التي بعدها إلى التوسع في إظهار جانب من علم الله اللامحدود، تناسبا مع وصف الآية السابقة له تعالى بالحكيم والخبير، فيقول سبحانه: يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها.
نعم، فقد أحاط علما بكل حبة مطر وقطرة ماء تنفذ وتلج في أعماق الأرض حتى إذا وصلت طبقة صلدة تجمعت هناك وصارت ذخيرة للإنسان.
ويعلم بالبذور التي تنتقل على سطح الأرض بواسطة الريح أو الحشرات، لتنبت في مكان ما وتصبح شجرة باسقة أو عشبا طريا.
يعلم بجذور الأشجار عند توغلها في أعماق التربة بحثا عن الماء والغذاء.
يعلم بالموجات الكهربائية والغازات المختلفة، بذرات الهواء التي تنفذ في الأرض، يعلم بالكائنات الحية التي تشق طريقها فيها، ويعطيها الحياة.
وكذلك، يعلم بالكنوز والدفائن وأجساد الموتى من الإنسان وغيره.. نعم إنه