واستخدامهم لكلمة (رجل) بصيغة النكرة في تعبيرهم عن الرسول (صلى الله عليه وآله) يقصد منه التحقير " وحاشاه ".
ولكن فاتهم أننا في بدء الخليقة لم نكن إلا أجزاء مبعثرة، فكل قطرة ماء في أبداننا إنما كانت قطرة في زاوية من بحر أو ينبوع ماء، وكل ذرة من مواد أجسامنا، كانت في جانب من جوانب هذه الأرض المترامية، وسيجمعها الله تبارك وتعالى في النهاية أيضا كما جمعها في البدء، وهو على كل شئ قدير.
والعجيب أنهم اعتبروا ذلك دليلا على كذب الرسول (صلى الله عليه وآله) أو جنونه، وحاشاه افترى على الله كذبا أم به جنة.
وإلا فكيف يمكن لرجل عاقل أو صادق أن يتفوه بمثل هذا الحديث!!؟
ولكن القرآن يرد عليهم بشكل حاسم قائلا: بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد.
فأي ضلال أوضح من أن يرى منكر المعاد بام عينيه مثالا لهذا المعاد في عالم الطبيعة في كل عام بإحياء الأرض الميتة بالزرع.
المعاد الذي لولا وجوده لما كان للحياة في هذا العالم أي معنى أو محتوى.
وأخيرا فإنكار المعاد مساو لإنكار قدرة وعدل وحكمة الله جل وعلا.
ولكن لماذا يؤكد تعالى أنهم الآن في العذاب والضلال؟
ذلك لأن الإنسان يواجه في حياته مشاكل وأحداثا لا يمكنه - بدون الإيمان بالآخرة - تحملها، والحقيقة أن الحياة لو حدت بهذه الأيام القليلة من عمر الدنيا لكان تصور الموت بالنسبة لكل إنسان كابوسا مرعبا، لهذا السبب نرى أن منكري المعاد في قلق دائم منغص وعذاب أليم، في حال المؤمنين بالمعاد يعتبرون الموت قنطرة إلى عالم البقاء، ووسيلة لكسر القيود والتحرر من سجن الدنيا.
نعم، فالإيمان بالمعاد، يغمر قلب الإنسان بالطمأنينة، ويهون عليه المشكلات، ويجعله أكثر قدرة على الإيثار والفداء والتضحية.