الآخرة.
لذا فإن الحاكمية والمالكية في الدنيا والآخرة له سبحانه، وكل موهبة، وكل نعمة، ومنفعة وبركة، وكل خلقة سوية عجيبة مذهلة، تتعلق به تعالى، ولذا فإن " الحمد " الذي حقيقته " الثناء على فعل اختياري حسن " كله يعود إليه تعالى، وإذا كانت بعض المخلوقات تستحق الحمد والثناء، فلأنها شعاع من وجوده عز وجل ولأن أفعالها وصفاتها قبس من أفعاله وصفاته تعالى. وعليه فكل مدح وثناء يصدر من أحد على شئ في هذا العالم، فإن مرجعه في النهاية إلى الله سبحانه وتعالى.
ثم يضيف تعالى قائلا: وهو الحكيم الخبير.
فقد اقتضت حكمته البالغة أن يخضع الكون لهذا النظام العجيب، وأن يستقر - بعلمه وإحاطته - كل شئ في محله من الكون، فيجد كل مخلوق - كل ما يحتاج إليه - في متناولة.
وقد تحدث المفسرون كثيرا في هذه الآية عن المقصود من الحمد والشكر في الآخرة..
فذهب بعضهم: إن الآخرة وإن لم تكن دار تكليف، إلا أن عباد الرحمن الذين تسامت أرواحهم بعشق بارئهم هناك، يشكرونه ويحمدونه وينتشون بلذة خاصة من ذلك.
وقال آخرون: إن أهل الجنة يحمدونه على فضله، وأهل النار يحمدونه على عدله.
وقيل: إن الإنسان - نتيجة وجود الحجب المختلفة على قلبه وعقله في الدنيا - لا يمكنه أن يحمد الله حمدا خالصا، وعندما ترتفع هذه الحجب يوم القيامة تتضح مالكيته تعالى وهيمنته على عالم الوجود للجميع مصداقا لقوله تعالى الملك يومئذ لله وحينها تلهج الألسن بحمده والثناء عليه بكامل خلوص النية.