" المنافقين ".
بناء على هذا يجب القول في عبارة مختصرة أن الأمانة الإلهية هي قابلية التكامل غير المحدودة والممتزجة بالإرادة والاختيار، والوصول إلى مقام الإنسان الكامل، وعبودية الله الخاصة وتقبل ولاية الله.
لكن لماذا عبر عن هذا الأمر بالأمانة، مع أن كل وجودنا وكل ما لدينا أمانة الله؟
لقد عبر بهذا التعبير لأهمية امتياز البشر العظيم هذا، وإلا فإن بقية المواهب أمانات الله أيضا، غير أن أهميتها تقل أمام هذا الامتياز.
ويمكن أن نعبر هنا عن هذه الأمانة بتعبير آخر ونقول: إنها التعهد والالتزام وقبول المسؤولية.
بناء على هذا فإن أولئك الذين فسروا الأمانة بصفة الاختيار والحرية في الإرادة، قد أشاروا إلى جانب من هذه الأمانة العظمى، كما أن أولئك الذين فسروها بالعقل، أو أعضاء البدن، أو أمانات الناس لدى بعضهم البعض، أو الفرائض والواجبات، أو التكاليف بصورة عامة، قد أشار كل منهم إلى غصن من أغصان هذه الشجرة العظيمة المثمرة، واقتطف منها ثمرة.
لكن ما هو المراد من عرض هذه الأمانة على السماوات والأرض؟
هل المراد: أن الله سبحانه قد منح هذه الموجودات شيئا من العقل والشعور ثم عرض عليها حمل هذه الأمانة؟
أو أن المراد من العرض هو المقارنة؟ أي أنها عندما قارنت حجم هذه الأمانة مع ما لديها من القابليات والاستعدادات أعلنت عدم لياقتها واستعدادها عن تحمل هذه الأمانة العظيمة.
طبعا، يبدو أن المعنى الثاني هو الأنسب، وبهذا فإن السماوات والأرض والجبال قد صرخت جميعا بأنا لا طاقة لنا بحمل هذه الأمانة.