وفي الآيتين الأخريين من الآيات مورد البحث بيانا لخمسة واجبات من واجبات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) المهمة بعد بيان صفاته الخمس، فتقول أولا: وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا وهي إشارة إلى أن مسألة تبشير النبي (صلى الله عليه وآله) لا يحد بالثواب الإلهي بمقدار أعمال المؤمنين الصالحة، بل إن الله سبحانه يفيض عليهم من فضله بحيث تضطرب المعادلة بين العمل والجزاء تماما كما تشهد بذلك الآيات القرآنية.
فتقول في موضع: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. (1) وتقول في موضع آخر: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء. (2) وقد تذهب أبعد من ذلك فتقول: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين. (3) وبهذا فإن أبعاد الفضل الإلهي الكبير أوسع وأسمى مما يخطر في التصور والأوهام.
ثم تناولت الواجب الثاني والثالث، فقالت: ولا تطع الكافرين والمنافقين.
لا شك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يطع الكافرين والمنافقين مطلقا، إلا أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان، ولذلك أكدت الآية على هذا الموضوع بالخصوص من باب التأكيد على النبي (صلى الله عليه وآله) والتحذير والقدوة للآخرين، فهي تحذرهم من الأخطار والعقبات المهمة التي تعترض طريق القادة المخلصين، والتي تجرهم إلى المساومة والتسليم أثناء المسيرة، وتتهيأ أرضية هذا التسليم عن طريق التهديد تارة، وعن طريق منح الامتيازات تارة أخرى، حتى أن الإنسان قد يشتبه أحيانا فيظن أن الخضوع والامتثال لمثل هذه المساومة والاستسلام هو طريق الوصول