وقد استعملت هذه الكلمة في الآيات القرآنية في " الأذى اللساني " تارة كالآية (61) من سورة التوبة، حيث تقول: ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن.
واستعملت أيضا بمعنى " الأذى البدني " في آيات أخرى، كالآية (16) من سورة النساء: والذان يأتيانها منكم فآذوهما أي يرتكبان الفاحشة، فأقيموا عليهما الحد الشرعي.
يقول التاريخ: إن النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الأوائل قد وقفوا كالجبل الأشم أمام أنواع الأذى، ولم يقبلوا عار الاستسلام والهزيمة قط، وأخيرا انتصروا في حركتهم.
وكان أساس هذه المقاومة ومعينها هو " التوكيل على الله " والاعتماد على ذاته المقدسة.. الله الذي تتيسر كل الصعاب والمشاكل أمام إرادته.. أجل يكفي الإنسان أن يكون معينه وناصره هذا الرب الجليل.
ومما قلناه اتضح أن محتوى الآية المذكورة لم يكن نسخ لحكم الجهاد - كما يظن ذلك بعض المفسرين - بل الظاهر أن هذه الآيات قد نزلت بعد مدة من نزول حكم الجهاد، وهي في مصاف الحوادث المتعلقة بسورة الأحزاب.
إن هذا حكم لكل العصور والقرون، بأن لا يصرف الأئمة الإلهيون طاقاتهم الحيوية في الاهتمام بإيذاء مخالفيهم، فإنهم إن فعلوا ذلك وصرفوا قواهم وطاقاتهم في هذا المجال، يكون عدوهم قد حقق هدفه، لأنه يريد أن يشغل فكر من يقابله، ويهدر طاقاته عن هذا الطريق.. هنا يكون أمر (دع أذاهم) هو الحل الوحيد.
وهنا أمر يستحق الانتباه أيضا، وهو: أن الأوامر الخمسة المذكورة، التي وردت في الآيتين الأخيرتين، يكمل بعضها بعضا، ويرتبط بعضها ببعض، فإن