المعنى بخصوص هذه المصاديق.
وكما يظهر بوضوح من سياق الآيات، فإن المراد من " تسبيح الله " في كل غداة وعشي هو استمرار التسبيح، وذكر هذين الوقتين بالخصوص باعتبارهما بداية اليوم ونهايته، وما فسرهما به البعض من أن المراد صلاتي الصبح والعصر، أو أمثال ذلك، فهو من قبيل ذكر المصداق أيضا.
لهذا فإن ذكر الله الكثير، وتسبيحه بكرة وأصيلا لا يحصل إلا باستمرار التوجه إلى الله، وتنزيهه عن كل عيب ونقص، وتقديسه المتصل، فذكر الله غذاء لروح الإنسان كما أن الطعام والشراب غذاء للبدن.
وجاء في الآية (28) من سورة الرعد ألا بذكر الله تطمئن القلوب ونتيجة هذا الاطمئنان القلبي هو ما ورد في الآيات 27 - 30 من سورة الفجر، حيث تقول:
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.
والآية التالية بمثابة نتيجة وعلة غائية للتسبيح في الواقع، فهي تقول: هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور أي من ظلمات الشرك والكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم والتقوى وكان بالمؤمنين رحيما وبسبب هذه الرحمة كتب على نفسه هداية البشر وإرشادهم، وأمر ملائكته أن تعينهم في ذلك.
" يصلي " من مادة (صلاة) وهي هنا تعني الرعاية والعناية الخاصة، وهذه العناية بالنسبة لله تعني نزول الرحمة، وبالنسبة للملائكة تعني الاستغفار وطلب الرحمة، كما نقرأ ذلك في الآية (7) من سورة غافر: ويستغفرون للذين آمنوا.
وعلى أية حال، فإن هذه الآية تتضمن بشارة عظيمة للمؤمنين الذاكرين الله على الدوام، فهي تقول بصراحة: إن هؤلاء ليسوا وحدهم في سيرهم إلى الله، بل إنهم - بمقتضى (يصلي) وهو فعل مضارع يدل على الاستمرار - يسيرون في ظل