مصالحه مقدمة على مصالح الآخرين وأهم منها، بل على العكس من ذلك، فهو يؤثر ويقدم مصالح الأمة على مصالحه دائما عند تعارض المصلحتين.
إن هذه الأولوية فرع من أولوية المشيئة الإلهية، لأن كل ما لدينا من الله سبحانه. إضافة إلى أن الإنسان لا يصل إلى أوج الإيمان إلا عندما يضحي بأقوى العلائق والدوافع فيه، وهو عشقه لذاته في طريق عشقه لذات الله وخلفائه، ولذلك نقرأ في حديث: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " (1).
وجاء في حديث آخر: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " (2).
وكذلك روي عنه (صلى الله عليه وآله): " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة " (3).
ويقول القرآن الكريم في الآية (36) من سورة الأحزاب هذه: ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.
ونؤكد مرة أخرى على أن هذا الكلام لا يعني أن الله قد جعل أمر الناس تبعا لأهواء ورغبات شخص ما، بل من جهة أن للنبي (صلى الله عليه وآله) مقام العصمة، وبمصداق: لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فإن كل ما يقوله هو كلام الله ومن الله، وهو أحرص وأرحم حتى من الأب بهذه الأمة.
إن هذه الأولوية في الحقيقة تقع في مسير منافع الناس في جوانب الحكومة وتدبير المجتمع الإسلامي، وكذلك في المسائل الشخصية والفردية.
ويتبين من هذه الأدلة أن هذه الأولوية تضع على عاتق النبي (صلى الله عليه وآله) مسؤوليات ثقيلة ضخمة، ولذلك نقرأ في الرواية المشهورة الواردة في مصادر الشيعة والسنة،