الإنسان لآخر تحببا: ولدي، أو يا بني، أو يقول فيها لآخر احتراما: يا أبت!
وهذا الكلام صحيح - طبعا - وهذه التعبيرات لا تعد ذنبا، لكن لا لأجل عنوان الخطأ، بل لأن لهذه التعبيرات صفة الكناية والمجاز، وقرينتها معها عادة، والقرآن ينفي التعبيرات الحقيقية في هذا الباب، لا المجازية.
ثم تتطرق الآية التالية إلى مسألة مهمة أخرى، أي إبطال نظام " المؤاخاة " بينهم.
وتوضيح ذلك: أن المسلمين لما هاجروا من مكة إلى المدينة وقطع الإسلام كل روابطهم وعلاقاتهم بأقاربهم وأقوامهم المشركين الذين كانوا في مكة تماما، فقد أجري النبي (صلى الله عليه وآله) بأمر الله عقد المؤاخاة بينهم وعقد عهد المؤاخاة بين " المهاجرين " و " الأنصار "، وكان يرث أحدهم الآخر كالأخوين الحقيقيين، إلا أن هذا الحكم كان مؤقتا وخاصا بحالة استثنائية جدا، فلما اتسع الإسلام وعادت العلاقات السابقة تدريجيا لم تكن هناك ضرورة لاستمرار هذا الحكم، فنزلت الآية أعلاه وألغت نظام المؤاخاة الذي كان يحل محل النسب، وجعل حكم الإرث وأمثاله مختصا بأولي الأرحام الحقيقيين.
وبالرغم من أن نظام المؤاخاة كان نظاما إسلاميا - على خلاف نظام التبني الذي كان نظاما جاهليا - ولكن كان من الواجب أن يلغى بعد ارتفاع الحالة الموجبة له، وهكذا حصل، غاية ما في الأمر أن الآية قبل أن تذكر هذا الحكم ذكرت حكمين آخرين - أي كون النبي (صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وكون نساء النبي (صلى الله عليه وآله) كأمهاتهم - كمقدمة، فقالت: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم.
ومع أن النبي (صلى الله عليه وآله) بمنزلة الأب، وأزواجه بمنزلة أمهات المؤمنين إلا أنهم لا يرثون منهم مطلقا، فكيف ينتظر أن يرث الابن المتبني؟!
ثم تضيف الآية: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين