وغيرها، ولا ينسحب من ميدان الصراع والحوادث، ولا يجزع وييأس، ولا يفقد زمام الأمور من يده، ولا يضطرب ولا يندم حتى يحقق هدفه الكبير.
وقد روي في هذا الباب حديث جامع ورائع عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال لأحد أصحابه: إن من صبر صبر قليلا (وبعده الظفر) وإن من جزع جزع قليلا (ومن بعده الخسران).
ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز وجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق، فقال: واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وقال:
ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.
فصبر رسول الله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها - فسموه ساحرا ومجنونا وشاعرا، وكذبوه في دعوته - فضاق صدره، فأنزل الله عز وجل عليه: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين - أي إن هذه العبادة تمنحك الاطمئنان والهدوء -.
ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك، فأنزل الله عز وجل: قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.
فألزم النبي نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي، فأنزل الله عز وجل:
واصبر على ما يقولون، فصبر النبي في جميع أحواله.
ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر، فعند ذلك قال: الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز وجل ذلك له، فأباح له قتال المشركين، فقتلهم الله على يدي رسول الله وأحبائه، وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في