وكلمة " لنبيتنه " مأخوذة من - " التبييت "، ومعناه الهجوم ليلا، وهذا التعبير يدل على أنهم كانوا يخافون من جماعة صالح وأتباعه، ويستوحشون من قومه..
لذلك ومن أجل أن يحققوا هدفهم ولا يكونوا في الوقت ذاته مثار غضب أتباع صالح، اضطروا إلى أن يبيتوا الأمر، واتفقوا أن لو سألوهم عن مهلك النبي - لأنهم كانوا معروفين بمخالفته من قبل - حلفوا بأن لا علاقة لهم بذلك الأمر، ولم يشهدوا الحادثة أبدا.
جاء في التواريخ أن المؤامرة كانت بهذه الصورة، وهي أن جبلا كان في طرف المدينة وكان فيه غار يتعبد فيه صالح، وكان يأتيه ليلا بعض الأحيان يعبد الله فيه ويتضرع إليه، فصمموا على أن يكمنوا له هناك ليقتلوه عند مجيئه في الليل، ويحملوا على بيته بعد استشهاده ثم يعودوا إلى بيوتهم، وإذا سئلوا أظهروا جهلهم وعدم معرفتهم بالحادث.
فلما كمنوا في زاوية واختبأوا في ناحية من الجبل انثالت صخور من الجبل تهوي إلى الأرض، فهوت عليهم صخرة عظيمة فأهلكتهم في الحال!
لذلك يقول القرآن في الآية التالية: ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون.
ثم يضيف قائلا: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرنا هم وقومهم أجمعين.
وكلمة (مكر) - كما بيناها سابقا - تستعملها العرب في كل حيلة وتفكير للتخلص أو الاهتداء إلى أمر ما.. ولا تختص بالأمور التي تجلب الضرر، بل تستعمل بما يضر وما ينفع.. فيصح وصف المكر بالخير إذا كان لما ينفع، ووصفه بالسوء إذا كان لما يضر.. قال سبحانه: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
وقال: ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله! " فتأملوا بدقة " يقول الراغب في المفردات.. المكر صرف الغير عما يقصده.. فبناء على هذا إذا نسبت هذه الكلمة إلى الله فإنها تعني إحباط المؤامرات الضارة من قبل