" النبي صالح وقومه ".
يقول القرآن في هذا الشأن وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
ومع ملاحظة أن " الرهط " يعني في اللغة الجماعة التي تقل عن العشرة أو تقل عن الأربعين، فإنه يتضح أن كلا من المجموعات الصغيرة التسع كان لها منهج خاص، وقد اجتمعوا على أمر واحد، وهو الإفساد في الأرض والاخلال بالمجتمع (ونظامه الاجتماعي) ومبادئ العقيدة والأخلاق فيه.
وجملة " لا يصلحون " تأكيد على هذا الأمر، لأن الإنسان قد يفسد في بعض الحالات ثم يندم ويتوجه نحو الإصلاح.. إن المفسدين الواقعيين ليسوا كذلك، فهم يواصلون الفساد والإفساد ولا يفكرون بالإصلاح!.
وخاصة أن الفعل في الجملة " يفسدون " فعل مضارع، وهو يدل على الاستمرار، فمعناه أن إفسادهم كان مستمرا... وكل رهط من هؤلاء التسعة كان له زعيم وقائد... ويحتمل أن كلا ينتسب إلى قبيلة!.
ولا ريب أن ظهور " صالح " بمبادئه السامية قد ضيق الخناق عليهم، ولذلك تقول الآية التالية في حقهم: قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون.
" تقاسموا " فعل أمر، أي اشتركوا جميعا في اليمين، وتعهدوا على هذه المؤامرة الكبرى تعهدا لا عودة فيه ولا انعطاف!.
الطريف أن أولئك كانوا يقسمون بالله، ويعني هذا أنهم كانوا يعتقدون بالله، مع أنهم يعبدون الأصنام، وكانوا يبدأون باسمه في المسائل المهمة.. كما يدل هذا الأمر على أنهم كانوا في منتهى الغرور و " السكر " بحيث يقومون بهذه الجناية الكبرى على اسم الله وذكره!! فكأنهم يريدون أن يقوموا بعبادة أو خدمة مقبولة...
إلا أن هذا نهج الغافلين المغرورين الذين لا يعرفون الله والضالين عن الحق.