وعلى كل حال فإن حياة قوم لوط المشهورين بالإنحراف الجنسي والعادات السيئة المخزية الأخرى، كما أن عاقبة حياتهم الوخيمة يمكن أن تكون لوحة بليغة لأولئك السادرين في شهواتهم... وإن سعة هذا التلوث بين الناس تقتضي أن يكرر ما جرى على قوم لوط مرارا.
يقول القرآن: في الآيتين محل البحث أولا: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون (1).
" الفاحشة " كما أشرنا إليها من قبل، تعني الأعمال السيئة القبيحة، والمراد منها الانحراف الجنسي وعمل اللواط المخزي.
وجملة وأنتم تبصرون إشارة إلى أنكم - يعني قوم لوط - ترون بأم أعينكم قبح هذا العمل وآثاره الوخيمة، وكيف تلوث مجتمعكم من قرنه إلى قدمه به...
وحتى الأطفال في غير مأمن من هذا العمل القبيح، فعلام تبصرون ولا تتنبهون!
وأما ما يحتمله بعضهم من أن جملة " تبصرون " إشارة إلى أنهم كانوا يشهدون فعل اللواط " بين الفاعل والمفعول " فهذا المعنى لا ينسجم وظاهر التعبير، لأن لوطا يريد أن يحرك " وجدانهم " وضمائرهم، وأن يوصل نداء فطرتهم إلى آذانهم... فكلام لوط نابع من البصيرة ورؤية العواقب الوخيمة لهذا العمل والتنبه منه.
ثم يضيف القرآن قائلا: أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء.
وقد ورد التعبير عن هذا العمل القبيح بالفاحشة، ثم وضحه أكثر لئلا يبقى أي إبهام في الكلام، وهذا اللون من الكلام واحد من فنون البلاغة لبيان المسائل المهمة.
ولكي يتضح بأن الدافع على هذا العمل هو الجهل، فالقرآن يضيف قائلا: بل