والوعيد، الأمر والنهي، البشارة والإنذار، الآيات الآفاقية والأنفسية، دلائل المبدأ والمعاد والأخبار الغيبية والخلاصة ذكرنا فيه كل شئ يمكن أن يؤثر في نفوس الناس.
وفي الحقيقة، إن في القرآن - بشكل عام - وسورة الروم - بشكل خاص - حيث نحن الآن في مراحلها النهائية، مجموعة من المسائل والدروس الموقظة لكل فئة، ولكل طبقة، ولكل جماعة، ولكل فكر وأسلوب... مجموعة من العبر، والمسائل الأخلاقية، والخطط والمناهج العملية، والأمور الاعتقادية، بحيث استفيد من جميع الطرق والأساليب المختلفة للنفوذ في أفكار الناس ودعوتهم إلى طريق السعادة!
ومع هذه الحال، فهناك طائفة لا يؤثر في قلوبهم المظلمة السوداء أي من هذه الأمور، لذلك يقول القرآن في شأنهم: ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون.
والتعبير ب " مبطلون " تعبير جامع يحمل كل معاني الدجل والافتراء والنسب الكاذبة والفاسدة من قبل المشركين، كنسبة الكذب للنبي (صلى الله عليه وآله) والسحر والجنون والأساطير الخرافية، إذ أن كل واحد من هذه الأمور يمثل وجها من وجوه الباطل، وقد جمعت كل هذه الأمور تحت كلمة " مبطلون ".
أجل، إنهم كانوا يتهمون الأنبياء دائما بواحد من هذه الأمور الباطلة، ليشغلوا عنهم الناس الطيبين الطاهرين ولو لعدة أيام - بما ينسبونه للأنبياء مما أشرنا إليه.
والمخاطب في كلمة " أنتم " يمكن أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الحقيقيين، ويمكن أن يكون جميع أصحاب الحق من الأنبياء والأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأتباعهم، لأن هذه المجموعة من الكفار تخالف جميع اتباع الحق.
والآية التي بعدها تبين السبب في مخالفة هذه الطائفة، فتقول: إن لجاجة هؤلاء التي لاحد لها وعداءهم للحق، إنما هو لفقدانهم الإحساس والإدراك