وهنا ينبغي أن نضيف هذه الجملة، وهي أن جميع المسلمين في صلاتهم - دائما - يخاطبون النبي (صلى الله عليه وآله) ويسلمون عليه بهذه الجملة " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ونعرف أن المخاطبة الحقيقة لا المجازية يجب أن تكون - حتما - مع إنسان يسمع ويدرك!
فعلى هذا الأساس لازم السلام على النبي بهيأة المخاطبة من بعيد أو قريب، أن روحه المقدسة تسمع جميع هذه التحيات، ولا دليل يقودنا إلى أن نحمل هذه التحيات على المجاز!.
وفي آخر آية - من الآيات محل البحث - يشير القرآن إلى دليل آخر من أدلة التوحيد، وهو دليل الفقر والغنى، ويكمل البحوث التي تدور حول التوحيد في هذه السورة، فيقول: الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة.
كنتم في البداية ضعافا إلى درجة أنكم لم تكن لكم القدرة على طرد الذباب عنكم، أو أن تحافظوا على لعاب أفواهكم أن يسيل، هذا من الناحية الجسمية، أما من الناحية الفكرية فمصداقة قوله تعالى: لا تعلمون شيئا بحيث لم تعرفوا حتى أبويكم المشفقين عليكم.
لكن - قليلا قليلا - صرتم ذوي رشد وقوة، وصار لكم جسم قوي، وفكر جيد، وعقل مقتدر إدراك واسع!
ومع هذه الحال لم تستطيعوا أن تحافظوا على هذه القوة، فمثلكم كمن يصعد من طرف الجبل إلى قمته، ثم يبدأ بالانحدار من القمة إلى قعر الوادي، الذي يمثل " مرحلة ضعف الجسم والروح ".
هذا التغير والصعود والنزول خير دليل لهذه الحقيقة، وهي أنه لم تكن القوة من عندكم ولا الضعف، فكل منهما كان من جهة أخرى، وهذا بنفسه دليل على أن وراءكم من يدبر أموركم ويسير حياتكم وما عندكم فهو أمر عارض!