البرزخ كانت قصيرة جدا، لأنهم كانوا في حالة تشبه النوم، ألا ترى أن أصحاب الكهف الذين كانوا صالحين مؤمنين، حين أفاقوا بعد نوم طويل، تصوروا أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم في منامهم.
أو أن أحد الأنبياء الواردة قصته في سورة البقرة [الآية 259] بعد أن أماته الله مئة عامة ثم بعثه للحياة ثانية، لم يظهر في تصوره غير أنه لبث يوما أو بعض يوم.
فما يمنع أن يتصور المجرمون - مع ملاحظة حالتهم الخاصة في عالم البرزخ وعدم إطلاعهم - مثل هذا التصور!؟
لذا يقول المؤمنون الذين أوتوا العلم - كما تذكره الآية التي تأتي بعد هذه الآية -: إنكم غير مصيبين في قولكم، إذ لبثتم في عالم البرزخ إلى يوم القيامة، وهذا هو يوم القيامة!.
ومن هنا تتضح المسألة الثانية. أي تفسير جملة كذلك كانوا يؤفكون لأن " الإفك " في الأصل معناه تبدل الوجه الحقيقي والانصراف عن الحق، وهذه الجماعة ابتعدت عن الواقع لحالتها الخاصة في عالم البرزخ، فلم تستطع أن تحدد لبثها في عالم البرزخ.
ومع ملاحظة أنه لا حاجة لنا إلى الأبحاث الطويلة التي بحثها جمع من المفسرين، وفي أنه لم يكذب المجرمون عمدا في يوم القيامة، لأنه ليس في الآية دليل على كذبهم العمد في هذه المرحلة!.
وبالطبع فإننا نرى في آيات القرآن الأخر أمثلة من أكاذيب المجرمين يوم القيامة، وقد بينا الإجابة المفصلة على كل ذلك في ذيل الآية (23) من سورة الأنعام، لكن ذلك البحث لا علاقة له بموضوع هذه الآيات!
أما الآية التالية فتتحدث عن جواب المؤمنين المطلعين على كلام المجرمين الغافلين عن حالة البرزخ والقيامة فتقول: وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا