العقل والوجدان يخلق السماوات والأرض.
والتعبير بالحق له معنيان: الأول: أن الخلق كان توأما مع الحق والقانون والنظم، والآخر: أن الهدف من الخلق كان بالحق، ولا منافاة بين هذين التفسيرين طبعا (1).
والتعبير بلقاء ربهم كما قلنا مرارا، هو إشارة إلى يوم القيامة والنشور، حيث تنكشف الحجب، والإنسان يعرف عظمة الله بالشهود الباطنيين.
وحيث أن التعبير ب أجل مسمى كاشف عن أن هذه الحياة على كل حال لا تدوم، وهذا إنذار لجميع عبدة الدنيا، فإن القرآن يضيف في الآية التالية قائلا: أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات أي بالدلائل الواضحات... إلا أنهم أهملوا ذلك، ولووا رؤوسهم، ولم يستسلموا للحق، فابتلوا بعقاب الله الأليم! وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
في الواقع إن القرآن يشير إلى أمم كانت لهم - في نظر مشركي مكة - عظمة ملحوظة من حيث القدرة والقوة الجسمية والثروة المالية، وكان مصيرهم الأليم يمثل درسا من العبرة لهؤلاء المشركين.
ويمكن أن تكون جملة أثاروا الأرض إشارة إلى حرث الأرض للزراعة والتشجير، أو حفر الأنهار، أو تأسيس العمارات على الأرض، أو جميع هذه الأمور، لأن جملة أثاروا الأرض لها مفهوم واسع يشمل جميع هذه الأمور التي هي مقدمة للعمارة والبناء (2).