إلى البر إذا هم يشركون.
أجل، إن الشدائد والأزمات هي التي تهئ الأرضية لتفتح الاجتماعية " الفطرة " الإنسانية، لأن نور التوحيد مخفي في أرواح الناس جميعا، إلا أن الآداب والمسائل الخرافية والتربية الخاطئة والتلقينات السيئة تلقي عليه ظلالا وأستارا، ولكن حين تحدق بالإنسان الشدائد وتحيط به دوامات المشاكل، ويرى يده قاصرة عن الأسباب الظاهرية، يتجه بدون اختياره إلى عالم ما وراء الطبيعة، ويخلص قلبه من كل نوع من أنواع الشرك والكفر، وينصهر في تنور الحوادث، ويكون مصداقا لقوله تعالى: مخلصين له الدين.
وملخص الكلام: إنه توجد في داخل قلب الإنسان دائما نقطة نورانية، وهي خط ارتباطه بما وراء عالم الطبيعة، وأقرب طريق إلى الله.
إلا أن التعليمات الخاطئة والغفلة والغرور - وخاصة عند السلامة ووفور النعمة - تلقي عليها أستارا، غير أن طوفان الحوادث يزيل هذه الأستار، وتتجلى نقطة النور آنذاك.
وعلى هذا، فإن أئمة المسلمين العظام كانوا يرشدون المترددين في مسألة " معرفة الله " ويغرقون في الشك والحيرة.. بهذا الأمر.
وقصة الرجل المتحير المبتلى بالشك في معرفة الله، والذي أرشده الإمام الصادق (عليه السلام) عن طريق الفطرة والوجدان، سمعناها جميعا إذ قال: يا ابن رسول الله، دلني على الله ما هو؟! فقد أكثر علي المجادلون وحيروني!
فقال له الإمام (عليه السلام): " يا عبد الله، هل ركبت سفينة قط؟
قال: نعم.
قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟!
قال: نعم!
قال: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من