طيفا.. أو خيالا.. فلا أثر ولا خبر.
فالقرآن في هذا الصدد يشرح حال الدنيا وحال الآخرة، مبينا أن الحياة الدنيا هي نوع من الانشغال واللعب يجتمع الناس فيها وينشدون إلى تصورات قلوبهم وأنفسهم، وبعد أيام يتفرقون ويختفون تحت التراب، ثم يطوى كل شئ ويغدو في سلة النسيان.
أما الحياة الحقيقية التي الأفناء بعدها، ولا ألم فيها، ولا قلق ولاخوف ولا تضاد ولا تزاحم، فهي الحياة الآخرة فحسب... لو كان الإنسان يعرف ذلك، وكان أهلا للتدقيق والتحقيق!
أما الذين تعلقت قلوبهم بهذه الحياة، وفتنوا برزقها وزخرفها وزبرجها، ويأنسون بها، فهم أطفال لا غير وإن امتدت أعمارهم سنين طويلة.
وينبغي الالتفات إلى أن المراد من " الحيوان " على زنة " خفقان " هو الحياة، فهذه الكلمة تحمل معنى مصدريا (1)..
وهذا التعبير وإن الدار الآخرة لهي الحيوان إشارة إلى أن الحياة الحقيقية هي في الأخرى، لا في هذه الدار الدنيا - فكأن الحياة في الأخرى تفور من جميع أبعادها، ولا شئ هناك إلا الحياة.
وبديهي أن القرآن لا يريد أن ينسى وينفي مواهب الله في هذه الدار الدنيا، بل يريد أن يجسد قيمة هذه الدنيا بالقياس إلى الأخرى قياسا صريحا وواضحا...
وإضافة إلى كل ذلك فإنه ينذر الإنسان لئلا يكون أسيرا لهذه المواهب، بل ينبغي أن يكون أميرا عليها، ولا يؤثرها على القيم الأصيلة أبدا.
وفي المرحلة الثالثة... يتجه القرآن نحو الفطرة والجبلة الإنسانية، ونحو تجلي نور التوحيد في أشد الأزمات في أعماق روح الإنسان، وضمن مثال بديع جدا وبليغ فيقول: فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم