منحصرا بأهل مكة، بل كثير من الأمم السابقين يلتجئون إلى مثل هذه الذريعة، ويصرون على تعجيل العقوبة والعذاب!.
وأخيرا فإن الجواب القرآني الثالث يتبين في الآية إذ يقول: يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين.
فإذا تأخر عنهم عذاب الدنيا، فإن عذاب الآخرة واقع لا محالة، ومحيط بهم تماما وسيصيبهم حتما بحيث أن القرآن يذكره بصورة أمر فعلي (وكأن جهنم الآن محيطة بهم).
ويوجد تفسير آخر أكثر دقة لهذه الآية، وهو أن جهنم محيطة، الآن فعلا بالكافرين، من جهتين - بالمعنى الواقعي للكلمة.
الجهة الأولى: إنها جهنم الدنيا، إذ هم على أثر شركهم وتلوثهم بالذنب يحترقون بجهنم التي أعدوها لأنفسهم، جهنم الحرب وسفك الدماء، جهنم النزاع والشقاق والاختلافات، جهنم القلق والفزع، جهنم الظلم، وجهنم الهوى والهوس والعناد.
والجهة الثانية: طبقا لظاهر الآيات في القرآن فإن جهنم موجودة فعلا، وكما تقدم سابقا فإن جهنم موجودة في باطن الدنيا، وبهذا فهي محيطة بهم على نحو الحقيقة.. وفي سورة التكاثر إشارة لها أيضا كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين الآيات 5 - 7 من سورة التكاثر (1).
ثم يضيف القرآن يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون (2).
يمكن أن تكون هذه الآية توضيحا لإحاطة عذاب جهنم في يوم القيامة بالكفار، ويمكن أن تكون بيانا مستقلا لذلك العذاب الأليم لهم الذي يحيط بهم