ولما كان كل مدع بحاجة إلى الشاهد، فالقرآن يبين في الآية الأخرى أن خير شاهد هو الله قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا.
وبديهي أنه كلما كان اطلاع الشاهد وشهادته أكثر، فإن قيمة الشهادة تكون أهم، لذلك يضيف القرآن بعدئذ قائلا: يعلم ما في السماوات والأرض.
والآن لنعرف كيف شهد الله على حقانية نبيه (صلى الله عليه وآله)؟!
يحتمل أن تكون هذه الشهادة شهادة عملية، لأنه حين يؤتي الله نبيه معجزة كبرى كالقرآن، فقد وقع على سند حقانيته وأمضاه.
ترى هل يمكن أن يأتي الله الحكيم العادل بمعجزة على يد كذاب، والعياذ بالله! فعلى هذا كانت طريقة إعطاء المعجزة لشخص النبي (صلى الله عليه وآله) - بنفسها - أعظم شهادة على نبوته من قبل الله.
وإضافة للشهادة العملية المتقدمة، نقرأ في آيات كثيرة من القرآن شهادة قولية في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله)، كما في الآية (40) من سورة الأحزاب ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين، وفي الآية (29) من سورة الفتح أيضا محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم قال بعض المفسرين: إن هذه الآية كانت جوابا على ما قاله بعض رؤوساء اليهود من أهل المدينة، أمثال " كعب بن الأشرف " وأتباعه، إذ قالوا: يا محمد، من يشهد على أنك مرسل من قبل الله، فنزلت هذه الآية قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم!.
كما يمكن أن تفسر الآية المتقدمة بتفسير آخر وبيان ثان، وذلك أن المراد من شهادة الله في الآية هي ما سبق من الوعد والذكر في كتب الله السابقة " كالتوراة والإنجيل " ويعلم بذلك علماء أهل الكتاب بصورة جيدة!.
وفي الوقت ذاته لا منافاة بين التفسيرات الثلاثة الآنفة الذكر، ومن الممكن