يكون معنى الجملة المتقدمة فناء جميع الموجودات عدا ذات الخالق المقدسة...
وهذا الفناء بالنسبة للموجودات الممكنة غير منحصر بفناء هذا العالم وانتهائه، فالموجودات الآن فانية قبال الذات المقدسة، وهي تحتاج إلى فيضه لحظة بعد لحظة، وليس لديها في ذاتها أي شئ، وكل ما لديها فمن الله!
ثم بعد هذا كله فإن موجودات هذا العالم جميعها متغير وفي معرض التبدل، وحتى طبقا لفلسفة " الحركة الجوهرية " فذاتها هي التغيير بعينه، ونحن نعرف أن الحركة والتغيير معناهما الفناء والعودة الدائمية، فكل لحظة تموت موجودات العالم وتحيا!.
فعلى هذا فإن الموجودات هالكة وفانية الآن - أيضا - غير أن الذات التي لا طريق الفناء إليها ولا تهلك، هي الذات المقدسة!
كما نعلم أن الفناء أو العدم يتجلى بصورة واضحة في نهاية هذا العالم، وكما يقول القرآن: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. (1) ولا يخص الفناء ما على الأرض، بل يشمل حتى أهل السماء ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض. (2) فهذا التفسير منسجم مع ظاهر الآية والآيات الأخرى في القرآن، غير أن بعض المفسرين ذكروا تفاسير أخرى غير ما تقدم بيانه، ومنها:
1 - أن المقصود من كلمة (وجه) هو العمل الصالح، ومفهوم هذه الآية يكون حينئذ أن جميع الأعمال تمضي مع الرياح سوى ما يكون خالصا لله.
وقال بعضهم: إن المراد بالوجه هو انتساب الأشياء إلى الله، فيكون مفهوم الآية أن كل شئ معدوم ذاتا إلا من ناحية انتمائه إلى الله!
وقال بعضهم: المراد بالوجه هو الدين، فيكون مفهوم الآية أن المذاهب كلها