فيقول أولا: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. (1) ثم يذكر القرآن هذه الحقيقة - بعد الآية المتقدمة مباشرة، وهي أن الامتحان سنة إلهية دائمية، فالامتحان لا يختص بكم - أيها المسلمين - بل هو سنة جارية في جميع الأمم المتقدمة، إذ يقول: ولقد فتنا الذين من قبلهم.
وهكذا ألقينا بهم أيضا في أفران الامتحانية الشديدة الصعبة... ووقعوا أيضا - تحت تأثير ضغوط الأعداء القساة والجهلة المعاندين.. فساحة الامتحان كانت مفتوحة دائما، واشترك فيها جماعة كثيرون.
وينبغي أن يكون الأمر كذلك، لأنه في مقام الادعاء يمكن لكل أحد أن يذكر عن نفسه أنه أشرف مجاهد وأفضل مؤمن وأكثر الناس تضحية.. فلابد من معرفة قيمة هذه الادعاءات بالامتحان، وينبغي أن تعرف النيات والسرائر إلى أي مدى تنسجم مع هذه الادعاءات.؟!
أجل فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.
من البديهي أن الله يعرف جميع هذه الأمور جيدا - قبل أن يخلق الإنسان - إلا أن المراد من العلم هنا هو التحقق العيني للمسائل.. ووجودها الخارجي، وبتعبير آخر: ظهور الآثار والشواهد العملية.. ومعناه أنه ينبغي أن يرى علم الله في هذه المجموعة عمليا في الخارج، وأن يكون لها تحقق عيني، وأن يكشف كل عما في نفسه وداخله... هذا هو العلم حين يطلق على مثل هذه المسائل وينسب إلى الله!.
والدليل على هذه المسألة واضح - أيضا - لإن النيات والصفات الباطنية إذا لم تحقق في عمل الإنسان وتكون عينية، فلا مفهوم للثواب والجزاء والعقاب!.
وبعبارة أخرى: فإن هذا العالم مثله كمثل " المدرسة " أو " المزرعة "