الآية تتحدث عن النبي - هنا - وتخاطبه وحده. ووجود هذه الآية بعد الآية التي تتحدث عن الثواب والجزاء في يوم القيامة، لا دلالة فيها على هذا المعنى، بل على العكس من ذلك، لأن الآية السابقة تتحدث عن الانتصار في الدار الآخرة، ومن المناسب أن يكون الحديث في هذه الآية عن الانتصار في هذه الدنيا.
أما الآية التالية فتتحدث عن نعمة أخرى من نعم الله العظيمة على النبي (صلى الله عليه وآله) فتقول: وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك (1).
كان كثير من الناس قد سمعوا بالبشارة بظهور الدين الجديد، ولعل طائفة من أهل الكتاب وغيرهم كانوا ينتظرون أن ينزل عليهم الوحي ويحملهم الله هذه المسؤولية، ولكنك - أيها النبي - لم تكن تظن أنه سينزل عليك الوحي وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب.. إلا أن الله رآك أجدر بالأمر، وأن هذا الدين الجديد ينبغي أن ينتشر ويتسع على يدك في هذا العالم الكبير!.
وبعض المفسرين يرون هذه الآية منسجمة مع آيات سابقة كانت تتحدث عن موسى (عليه السلام)، وتخاطب النبي - أيضا - كقوله تعالى: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر.. وما كنت ثاويا في أهل مدين... وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك.
فعلى هذا يكون المقصود بالكتاب هنا هو قصص الأنبياء السابقين.. إلا أن هذا التفسير لا منافاة فيه مع التفسير المتقدم! بل يعد قسما منه في الواقع!.
ثم يضيف القرآن في خطابه للنبي (صلى الله عليه وآله) أن طالما كنت في هذه النعمة فلا تكونن ظهيرا للكافرين.
ومن المسلم به أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ظهيرا للكافرين أبدا، إلا أن الآية جاءت في مقام التأكيد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيان المسؤولية للآخرين، وأن