وهنا يشرق في قلبه الطاهر نور الوحي، ويبشره بالعودة إلى وطنه الذي ألفه فيقول: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد.
فلا تكترث ولا تذهب نفسك حسرات، فالله الذي أعاد موسى إلى أمه هو الذي أرجعه أيضا إلى وطنه بعد غياب عشر سنوات في مدين، ليشعل مصباح التوحيد ويقيم حكومة المستضعفين ويقضي على الفراعنة ودولتهم وقوتهم.
هو الله سبحانه الذي يردك إلى مكة بكل قوة وقدرة، ويجعل مصباح التوحيد على يدك مشرقا في هذه الأرض المباركة.
وهو الله الذي أنزل عليك القرآن، وفرض عليك إبلاغه، وأوجب عليك أحكامه.
أجل، إن رب القرآن ورب السماء والأرض العظيم، يسير عليه أن يردك إلى معادك ووطنك " مكة ".
ثم يضيف القرآن في خطابه للنبي (صلى الله عليه وآله)، أن يجيب على المخالفين الضالين بما علمه الله قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين.
إن طريق الهداية واضح، وضلالهم بين، وهم يتعبون أنفسهم عبثا، فالله يعرف ذلك جيدا، والقلوب التي تعشق الحق تعرف هذه الحقيقة أيضا.
وبالطبع فإن التفسير الواضح للآية كما بيناه آنفا، إلا أن جمعا من المفسرين لديهم احتمالات أخرى في كلمة " معاد ".. من قبيل " العودة للحياة بعد الموت " " المحشر " أو " الموت ". كما فسروه " بالجنة " أو مقام " الشفاعة الكبرى "... أو " بيت المقدس " الذي عرج النبي منه أول مرة، وغير هذه المعاني.
إلا أنه مع الالتفات إلى محتوى مجموع هذه السورة - القصص - وما جاء في قصة موسى وفرعون وبني إسرائيل، وما سقناه من شأن نزول الآية، فيبعد تفسير المعاد بغير العودة إلى مكة كما يبدو!.
أضف إلى ذلك أن المعاد في يوم القيامة لا يختص بالنبي وحده، والحال أن