السلطة والمستكبرين، بل هي للمتقين المتواضعين وطلبة الحق، تأتي الآية الثانية لتبين قانونا كليا وهو مزيج بين العدالة والتفضل، ولتذكر ثواب الإحسان فتقول: من جاء بالحسنة فله خير منها.
وهذه هي مرحلة التفضل، أي أن الله سبحانه لا يحاسب الناس كما يحاسب الإنسان نظيره بعين ضيقة، فإذا أراد الإنسان أن يعطي أجر صاحبه فإنه يسعى أن يعطيه بمقدار عمله، إلا أن الله قد يضاعف الحسنة بعشر أمثالها وقد يضاعفها بمئات الأمثال وربما بالآلاف، إلا أن أقل ما يتفضل الله به على العبد أن يجازيه عشرة أضعاف حسناته، حيث يقول القرآن في الآية (160) من سورة الأنعام:
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
أما الحد الأكثر من ثواب الله وجزائه فلا يعلمه إلا الله، وقد جاءت الإشارة إلى جانب منه - وهو الإنفاق في سبيل الله - في الآية 261 من سورة البقرة... إذ يقول سبحانه في هذا الصدد... مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم.
وبالطبع فإن مضاعفة الأجر والثواب ليس أمرا اعتباطيا، بل له ارتباط وثيق بنقاء العمل وميزان الإخلاص وحسن النية وصفاء القلب، فهذه هي مرحلة التفضل الإلهي في شأن المحسنين.
ثم يعقب القرآن ليذكر جزاء المسيئين فيقول: ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون.
وهذه هي مرحلة العدل الإلهي، لأن المسئ لا يجازى إلا بقدر إساءته، ولا تضاف على إساءته أية عقوبة!.
الطريف هنا عند ذكر جزاء السيئة أن القرآن يعبر عن الجزاء بالعمل نفسه إلا ما كانوا يعملون أي إن أعمالهم التي هي طبقا لقانون بقاء الموجودات في عالم