كان يصعب حمل صناديقها على الرجال الأشداء أولي القوة.
ومع ملاحظة كلمة " عصبة " التي تعني الجماعة المتآزرة يدا بيد على الأمر المهم، يتضح حجم الذهب والفضة والمعادن الثمينة التي كانت عند قارون، قال بعضهم: العصبة هي من عشرة رجال إلى أربعين رجلا.
وكلمة " تنوء " مشتقة من " النوء " ومعناه القيام بمشقة وثقل، وتستعمل في حمل الأثقال التي لها ثقل ووزن كبير، بحيث لو حملها الإنسان لمال إلى أحد جانبيه!.
وهذا الذي بيناه في " المفتاح " اتفق عليه جماعة من المفسرين.
في حين أن بعضهم يرى أنها جمع " مفتح " على زنة " منبر " وهو المفتاح الذي تفتح به الخزائن، يقولون: إن خزائن قارون كانت من الكثرة إلى درجة إن مفاتيحها ينوء بحملها الرجال الأشداء.
والذين ذهبوا إلى هذا المعنى أتعبوا أنفسهم كثيرا في توجيهه، إذ كيف يمكن تصور عدد هذه " المفتاح " بشكل هائل حتى لا يمكن حملها إلا بمشقة وعناء بالغين.. وعلى كل حال فإن التفسير الأول أقرب للنظر وأوضح بيانا. لأننا وإن سلمنا على أن " مفتح، بكسر الميم " تعني آلة الفتح أي " المفتاح " فإن أهل اللغة ذكروا لهذا الوزن (مفتح) معاني أخرى منها " الخزانة " التي يجمع فيها المال، فالمعنى الأول أقرب للواقع وبعيد عن المبالغة. فلا ينبغي الخلط بين " المفاتح " التي تعني الخزائن. و " المفاتيح " التي تعني آلات الفتح، وهي جمع " مفتاح " (1).
فلنتجاوز هذا البحث لنرى ما قال بنوا إسرائيل لقارون، يقول القرآن في هذا الصدد: إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين (2).