من جانب - بحاجة إلى السعي والحركة، وكل ذلك لابد لهما من الليل!
لقد ثبت - في هذا العصر - علميا أن جميع أجهزة البدن تكون فعالة ونشطة مع وجود النور، إذ تنشط الحركة الدموية والجهاز التنفسي وحركة القلب وسائر الأجهزة، وإذا استمر النور أكثر من المعتاد تعبت خلايا الجسم وتحول النشاط إلى خمول!
وبالعكس فإن الخلايا تهدأ في الليل وتستريح استراحة عميقة تستعيد نشاطها وقواها " شرحنا هذا المعنى في الجزء السادس ذيل الآية 67 من سورة يونس والآية (12) من سورة الإسراء "، الطريف هنا أن الآية حين تتحدث عن سرمدية الليل تخاطب الناس قائلة:
أفلا تسمعون... وحين تتحدث عن سرمدية النهار تخاطبهم قائلة: أفلا تبصرون ولعل هذا التعبير لأجل أن الحس المناسب لليل هو السمع والأذن، وما يناسب النهار هو البصر والعين.. إلى هذه الدرجة نلاحظ الدقة في القرآن الكريم.
كما أن من الجدير الالتفات إلى أن الآية هنا بعد ذكر مسألتي السمع والبصر أو الليل والنهار، تختتم الحديث بالقول: لعلكم تشكرون الشكر إزاء النظام المحسوب النور والظلمة، الشكر الذي يوصل الإنسان إلى معرفة المنعم والشكر الذي يكون باعثا على الإيمان في المباحث الاعتقادية!.
ومرة أخرى - بعد ذكر جانب من دلائل التوحيد ونفي الشرك - يعود القرآن الكريم على السؤال الأول الذي أثير في الآيات السابقة ليقول: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون.
وهذه الآية مكررة في السورة نفسها، إذ وردت بنصها في الآية 62، ولعل هذا التكرار ناشئ عن السؤال مرتين في يوم القيامة، مرة بصورة انفرادية ليعودوا إلى وجدانهم فيخجلوا من أنفسهم، ومرة بصورة عامة في محضر الشهود، وهو ما أشير إليه في الآية التي بعدها.. ليخجلوا أيضا من حضورهم.