والنصيحة الرابعة والأخيرة أن لا تغرنك هذه الأموال والامكانات المادية فتجرك إلى الفساد. ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين.
وهذا أيضا حقيقة واقعية أخرى، إن كثيرا من الأثرياء وعلى أثر جنون زيادة المال - أحيانا - أو طلبا للاستعلاء، يفسدون في المجتمع، فيجرون إلى الفقر والحرمان، ويحتكرون جميع الأشياء في أيديهم، ويتصورون أن الناس عبيدهم ومماليكهم، ومن يعترض عليهم فمصيره الموت، وإذا لم يستطيعوا اتهامه أو الإساءة إليه بشكل صريح، فإنهم يجعلونه معزولا عن المجتمع بأساليبهم وطرائقهم الخاصة...
والخلاصة: إنهم يجرون المجتمع إلى الفساد والانحراف.
وفي كلام جامع موجز نصل إلى أن هؤلاء الناصحين سعوا أولا إلى أن يكبحوا غرور قارون!.
ثم نبهوه أن الدنيا إنما هي وسيلة - لا هدف - في مرحلتهم الثانية.
وفي المرحلة الثالثة أنذروه بأن ما عندك تستفيد من قسم قليل منه، والباقي لغيرك.
وفي المرحلة الرابعة أفهموه هذه الحقيقة، وهي أن لا ينسى الله الذي أحسن إليه فعليه أن يحسن إلى الآخرين.. وإلا فإنه يسلب مواهبه منك.
وفي المرحلة الخامسة حذروه من أن مغبة الفساد في الأرض الذي يقع نتيجة نسيان الأصول الأربعة آنفة الذكر.
وليس من المعلوم بدقة من هم الناصحون لقارون يومئذ ولكن القدر المسلم به أنهم رجال علماء متقون، أذكياء، ذوو نجدة وشهامة، عارفون للمسائل الدقيقة الغامضة!.
ولكن الاعتقاد بأن الناصح لقارون هو موسى (عليه السلام) نفسه بعيد جدا، لأن القرآن يعبر عن من قدم النصح بصيغة الجماعة إذ قال له قومه.