ترى: أيقولون بأننا لبينا دعوة المرسلين؟ فهذا كذب محض! والكاذب خاسر في ذلك اليوم، أم يقولون بأننا كذبناهم، واتهمناهم، وقلنا لهم بأنكم سحرة ومجانين وحاربناهم وقتلناهم مع اتباعهم؟...
ما عسى أن يقولوا هناك؟! فكل ما يقولون كاشف عن فضيحتهم وشقائهم!.
حتى أن الأنبياء والمرسلين في ذلك اليوم يجيبون ربهم حين يسألون ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب. (1) ما الذي يقوله في ذلك اليوم وفي ذلك المكان عمي القلوب من المشركين؟!
لذلك يكشف القرآن عن حالهم هناك فيقول: فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون أي يسأل بعضهم بعضا ولا يعرفون جوابا!.
والذي يستلفت النظر أن العمى نسب في الآية للأنباء لا للمشركين فلا يقول عمي المشركون هناك بل يقول: " عميت عليهم الأنباء ".. لأنه كثيرا ما يحدث أن يكون الإنسان غير عالم بالخبر، لكنه يصله بانتشاره على أفواه الناس، كما يتفق لنا أن نكون جاهلين بالشئ أحيانا فنعرف به حين ينتشر بين المجتمع، لكن في يوم القيامة، لا الناس مطلعون، ولا الأخبار تنتشر!.
فعلى هذا تعمى الأخبار، فلا يملكون جوابا هناك على قوله تعالى: ماذا أجبتم المرسلين فيحيط بهم الصمت من قرنهم إلى أقدامهم.
وحيث أن أسلوب القرآن هو ترك الأبواب مفتوحة بوجه الكافرين والآثمين دائما، لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الحق في أي مرحلة كانوا من الإثم، فإنه يضيف في الآية التي بعدها: فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين.
فسبيل النجاة - حسب ما يوضحه القرآن - يتلخص في ثلاث جمل هي العودة والتوبة إلى الله، والإيمان، والعمل الصالح، وعاقبتهما النجاة والفلاح حتما.