بعد هذا، يأتي الكلام عن عرصات يوم القيامة ومشاهدها ليجسده أمام الكفار، مشاهد يقشعر منها البدن حين يتصورها الإنسان، فيقول القرآن: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون.
وبديهي أن هذا السؤال سؤال توبيخ وإهانة، لأن يوم القيامة يوم كشف الحجب والأستار، فلا مفهوم للشرك، ولا المشركون في ذلك اليوم باقون على عقيدتهم و " شركهم ".
فهذا السؤال في الحقيقة فيه نوع من الإهانة والتوبيخ والعقوبة!
ولكنهم بدلا من أن يجيبوا بأنفسهم، فإن معبوديهم هم الذين يردون الجواب، ويتبرؤون منهم، ويتنفرون من عبادة المشركين إياهم.
ونعرف أن معبودات المشركين وآلهتهم على ثلاثة أنواع: فإما أن يكونوا أصناما " وأحجارا وخشبا " أو من المقدسين كالملائكة والمسيح، وإما أن يكونوا من الشياطين والجن. فالذين يردون على السؤال ويجيبون هم النوع الثالث، كما حكى عنهم القرآن قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون.
فعلى هذا تكون الآية السابقة شبيهة بالآية (28) من سورة يونس إذ تقول:
وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون.
فعلى هذا يرد المعبودون الغواة على عبدتهم ويتبرؤون منهم، كما يبرأ فرعون ونمرود والشياطين والجن من عبدتهم وقومهم ويتنفرون منهم، ويدافعون عن أنفسهم، حتى أنهم ينسبون الضلالة لمن تبعهم ويقولون: إنهم تبعونا طوعا... الخ.
ولكن - من البديهي - ليس لهذا النفي أثر، ولا تنفع البراءة منهم، فالعابد