طاقة لنا على ردهم (1).
هذا الكلام لا يقوله إلا من يستضعف قدرة الله ويرى أن قدرة حفنة من العرب الجاهليين عظيمة!! وهذا الكلام لا يصدر إلا من قلب لا يعرف عناية الله وحمايته، ولا يعرف كيف ينصر الله أولياءه ويخذل أعداءه، لذلك يقول القرآن ردا على مثل هذه المزاعم أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ (2) ولكن أكثر هم لا يعلمون.
الله الذي جعل هذه الأرض المالحة والمليئة بالصخور والخالية من الأشجار والأنهار، جعلها حرما تهفوا إليه القلوب، ويؤتى إليه بالثمرات من مختلف نقاط العالم، كل ذلك بيد قدرته القاهرة.
فإن من له هذه القدرة على اقرار " الامن " وجبابة " النعم " إلى هذا المكان وهؤلاء يرون ذلك بأعينهم، كيف لا يكون قادرا على أن يحفظكم من هجوم حفنة من الجاهليين عباد الأوثان؟!
فقد كنتم في زمان الكفر مشمولين بنعمتي الله العظيمتين " الأمن والمواهب المعاشية " فكيف يمكن أن يحرمكم الله منهما بعد الإسلام؟!
لتكن قلوبكم قوية وآمنوا بما انزل إليكم فإن رب الكعبة ورب مكة معكم.
هنا، ينقدح هذا السؤال، وهو: إن التأريخ يدل على أن حرم مكة لم يكن آمنا للمسلمين للغاية، ألم تعذب طائفة من المسلمين في مكة؟ ألم يرموا النبي (صلى الله عليه وآله) بالأحجار الكثيرة؟! ألم يقتل بعض المسلمين في مكة؟! ألم يهاجر جماعة من المسلمين من مكة مع جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) وجماعة آخرون مع النبي (صلى الله عليه وآله) آخر الأمر لعدم الأمن في مكة؟!