على أنفسهم مصلحة الإسلام، ولم يكترثوا بعناد قومهم الجاهلين الأنانيين، ولم يستوحشوا من الضغوط والعزلة وما إلى ذلك!.
فمع الالتفات إلى كل هذه الأمور، نلاحظ أن الآية الأولى من هاتين الآيتين تكشف الستار عن هذه الحقيقة فتقول: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين.
فالله يعلم من هم الجديرون بالإيمان.. وأية قلوب تطلب الحق وهو يعرف العاشقين له.
أجل، هو يعرف هؤلاء ويوفقهم بلطفه ليسيروا نحو الإيمان.
أما الذين أظلمت قلوبهم وساءت سيرتهم وعادوا الحق في الخفاء ونهضوا بكل ما عندهم من قوة بوجه رسل الله، وقد تلوثت قلوبهم في حياتهم إلى درجة لم يكونوا جديرين بنور الإيمان فالله سبحانه لا يضع مصباح التوفيق في طريقهم أبدا.
إذن، وبناء على ما تقدم، ليس المقصود من الهداية " إراءة الطريق "، لأن إراءة الطريق هي من وظيفة النبي (صلى الله عليه وآله)، وتشمل جميع الناس دون استثناء، بل المقصود من الهداية هنا هو " الإيصال للمطلوب والهدف "، والإيصال إلى المطلوب وإلى الهدف هو بيد الله وحده، الذي يغرس الإيمان في القلوب، وليس هذا العمل اعتباطا ودون حساب، فهو تعالى ينظر إلى القلوب المهيأة والمستعدة ليهبها نور السماء!
وعلى كل حال، فإن هذه الآية بمثابة التسلية والتثبيت لقلب النبي ليطمئن إلى هذه الحقيقة، وهي إنه لا إصرار المشركين وعنادهم وإن كانوا من أهل مكة، ولا إيمان أهل الحبشة ونجران وغيرهما أمثال سلمان الفارسي وبحيرا الراهب من دون دليل وسبب.
فعليه أن لا يكترث لعدم إيمان الطائفة الأولى، فإن الله يقذف نوره في