أجمل، فانحنى موسى وفي يده غصن يابس ليوقده من النار، فجاءت النار من ذلك الغصن الأخصر إليه فاستوحش ورجع إلى الوراء.. ثم رجع إليها ليأخذ منها قبسا فأتته ثانية.. وهكذا مرة يتجه بنفسه إليها ومرة تتجه النار إليه، وإذا النداء والبشارة بالوحي إليه من قبل الله سبحانه.
ومن هنا ومع ملاحظة قرائن لا تقبل الإنكار اتضح لموسى (عليه السلام) أن هذا النداء هو نداء إلهي لا غير.
ومع الالتفات إلى أن موسى (عليه السلام) سيتحمل مسؤولية عظيمة وثقيلة.. فينبغي أن تكون عنده معاجز عظيمة من قبل الله تعالى مناسبة لمقامه النبوي، وقد أشارت الآيات إلى قسمين مهمين من هذه المعاجز:
الأولى قوله تعالى: وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب.
ويوم اختار موسى (عليه السلام) هذه العصا ليتوكأ عليها للاستراحة، ويهش بها على غنمه، ويرمي لها بهذه العصا أوراق الأشجار، لم يكن يعتقد أن في داخلها هذه القدرة العظيمة المودعة من قبل الله. وأن هذه العصا البسيطة ستهز قصور الظالمين، وهكذا هي موجودات العالم، نتصور أنها لا شئ، لكن لها استعدادات عظيمة مودعة في داخلها بأمر الله تتجلى لنا متى شاء.
في هذه الحال سمع موسى (عليه السلام) مرة أخرى النداء من الشجرة أقبل ولا تخف إنك من الأمنين.
" الجان " في الأصل معناه الموجود غير المرئي، كما يطلق على الحيات الصغار اسم (جان) أيضا، لأنها تعبر بين الأعشاب والأحجار بصورة غير مرئية..
كما عبر في بعض الآيات عن العصا ب ثعبان مبين [سورة الأعراف الآية 107 وسورة الشعراء الآية 32].
وقد قلنا سابقا: إن هذا التفاوت في التعابير ربما لبيان الحالات المختلفة