على خلاف رغباتهم وميولهم (ومن أجل التمويه وأيهام الناس) يبادرون إلى خلق جو جديد ليلفتوا أنظار الناس إليه، وليصرفوهم عن تلك الحادثة المطلوبة.
ويبدو أن بناء " الصرح العظيم " حدث بعد ما جرى لموسى من مواجهته السحرة ما جرى.. لأنه يستفاد من سورة " المؤمن " أن هذا العمل " بناء البرج " تم حين كان الفراعنة يخططون لقتل موسى (عليه السلام)، وكان مؤمن آل فرعون يدافع عنه..
ونعرف أنه قبل أن يواجه موسى (عليه السلام) السحرة لم يكن مثل هذا العمل ولا مثل هذا الحديث، وحيث أن القرآن ا لكريم تحدث عن مواجهة موسى (عليه السلام) للسحرة في سورة " طه، والأعراف، ويونس، والشعراء " فإنه لم يتطرق إليها هنا. وإنما تحدث هنا وفي سورة المؤمن عن بناء البرج.
وعلى كل حال فقد شاع خبر انتصار موسى (عليه السلام) على السحرة في مصر، وإيمان السحرة بموسى زاد في الأمر أهمية، كما أن موقع الحكومة الفرعونية أصبح في خطر جدي شديد.
واحتمال تيقظ الجماهير التي في أسر الذل كان كبيرا جدا.. فيجب صرف أفكار الناس بأية قيمة كانت، واشغالهم بسلسلة من المشاغل الذهنية مقرونة ببذل من الجهاز الحكومي، لإغفال الناس وتحميقهم!
وفي هذا الصدد يتحدث القرآن الكريم عن جلوس فرعون للتشاور في معالجة الموقف، إذ نقرأ في أول آية من هذا المقطع: وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري.
فأنا إلهكم في الأرض.. أما إله السماء فلا دليل على وجوده، ولكنني سأتحقق في الأمر ولا أترك الاحتياط، فالتفت إلى وزيره هامان وقال: فأوقد لي يا هامان على الطين ثم أصدر الأوامر ببناء برج أو قصر مرتفع جدا لأصعد عليه واستخبر عن إله موسى.
فاجعل لي صرحا لعلي اطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين.