أن القاتل من بني إسرائيل، ولعل اسم موسى (عليه السلام) كان مذكورا من بين بني إسرائيل المشتبه فيهم.
وبالطبع فإن هذا القتل لم يكن قتلا عاديا، بل كان يعد شرارة لانفجار ثورة مقدمة للثورة.. ولا شك أن جهاز الحكومة لا يستطيع تجاوز هذه الحالة ببساطة ليعرض أرواح الفرعونيين للقتل على أيدي عبيدهم من بني إسرائيل.
لذلك يقول القرآن في بداية هذا المقطع فأصبح في المدينة خائفا يترقب (1).
وهو على حال من الترقب والحذر، فوجئ في اليوم التالي بالرجل الإسرائيلي الذي آزره موسى بالأمس يتنازع مع قبطي آخر وطلب من موسى أن ينصره فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه (2).
ولكن موسى تعجب منه واستنكر فعله وقال له موسى إنك لغوي مبين إذ تحدث كل يوم نزاعا ومشادة مع الآخرين، وتخلق مشاكل ليس أوانها الآن، إذ نحن نتوقع أن تصيبنا تبعات ما جرى بالأمس، وأنت اليوم في صراع جديد أيضا!!
ولكنه كان على كل حال مظلوما في قبضة الظالمين (وسواء كان مقصرا في المقدمات أم لا) فعلى موسى (عليه السلام) أن يعينه وينصره ولا يتركه وحيدا في الميدان، فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما صاح ذلك القبطي: يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ويبدو من عملك هذا أنك لست إنسانا منصفا ان تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين (3).
كلمة " يستصرخ " مشتقة من مادة " الاستصراخ "، ومعناها الاستغاثة، ولكنها في الأصل تعني الصياح أو طلب الصياح من الآخر، وهذا عادة ملازم للإعانة...
3 - يعتقد جماعة من المفسرين أن هذه الجملة قالها الإسرائيلي لموسى، لأنه ظن أن موسى يريد قتله، ولكن القرائن الكثيرة في الآية تنفي هذا الاحتمال! (*)