ويستفاد من الآية التالية أن شجارا حدث ما بين فرعون وامرأته، ويحتمل أن بعض أتباعه كانوا قد وقفوا عند رأس الطفل ليقتلوه، لأن القرآن الكريم يقول في هذا الصدد: وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا...
ويلوح للنظر أن فرعون وجد في مخايل الطفل والعلائم الأخرى ومن جملتها إيداعه في التابوت " الصندوق " وإلقاءه بين أمواج النيل، وما إلى ذلك - أن هذا الطفل من بني إسرائيل، وأن زوال ملكه على يده، فجثم كابوس ثقيل على صدره من الهم وألقى على روحه ظلة، فأراد أن يجري قانون إجرامه عليه.
فأيده أطرافه وأتباعه المتملقون على هذه الخطة، وقالوا: ينبغي أن يذبح هذا الطفل، ولا دليل على أن لا يجري هذا القانون عليه.
ولكن آسية امرأة فرعون التي لم ترزق ولدا ذكرا، ولم يكن قلبها منسوجا من قماش عمال قصر فرعون، وقفت بوجه فرعون وأعوانه ومنعتهم من قتله.
وإذا أضفنا قصة شفاء بنت فرعون بلعاب فم موسى - على ما قدمناه - فسيكون دليلا آخر يوضح كيفية انتصار آسية في هذه الأزمة.
ولكن القرآن - بجملة مقتضية وذات مغزى كبير - ختم الآية قائلا: وهم لا يشعرون!.
أجل، إنهم لم يشعروا أن أمر الله النافذ ومشيئته التي لا تقهر، اقتضت أن يتربى هذا الطفل في أهم المراكز خطرا... ولا أحد يستطيع أن يرد هذه المشيئة، ولا يمكن مخالفتها أبدا..
* * *