جاءت زائرة فحسب، فخرجوا آيسين.
ثم عادت أم موسى إلى رشدها وصوابها وسألت " أخت موسى " عن أخيها فأظهرت عدم معرفتها بمكانه، وإذا البكاء يعلو من داخل التنور، فركضت إلى التنور فرأت موسى مسالما وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما " الله الذي نجي إبراهيم الخليل من نار النمرود " فأخرجت وليدها سالما من التنور.
لكن الأم لم تهدأ إذ أن الجواسيس يمضون هنا وهناك ويفتشون البيوت يمنة ويسرة، وكان الخطر سيقع لو سمعوا صوت هذا الطفل الرضيع.
وفي هذه الحال اهتدت أم موسى بإلهام جديد، إلهام ظاهره أنه مدعاة للخطر، ولكن مع ذلك أحست بالاطمئنان أيضا.
كان ذلك من الله ولابد أن يتحقق، فلبست ثياب عملها وصممت على أن تلقي وليدها في النيل.
فجاءت إلى نجار مصري " وكان النجار من الأقباط والفراعنة أيضا " فطلبت منه أن يصنع صندوقا صغيرا.
فسألها النجار قائلا: ما تصنعين بهذا الصندوق مع هذه الأوصاف؟ ولكن الام لما كانت غير متعودة على الكذب لم تستطع دون أن تقول الحق والواقع، وأنها من بني إسرائيل ولديها طفل تريد إخفاءه في الصندوق.
فلما سمع النجار القبطي هذا الخبر صمم على أن يخبر الجلاوزة والجلادين، فمضى نحوهم لكن الرعب سيطر على قلبه فارتج على لسانه وكلما حاول أن يفهمهم ولو كلمة واحدة لم يستطع، فأخذ يشير إليهم إشارات مبهمة، فظن أولئك أنه يستهزئ بهم فضربوه وطردوه، ولما عاد إلى محله عاد عليه وضعه الطبيعي، فرجع ثانية إليهم ليخبرهم فعادت عليه الحالة الأولى من الإرتجاج والعي، وأخيرا فقد فهم أن هذا أمر إلهي وسر خفي، فصنع الصندوق وأعطاه لأم موسى.
ولعل الوقت كان فجرا والناس - بعد - نيام، وفي هذه الحال خرجت أم