موسى وفي يديها الصندوق الذي أخفت فيه ولدها موسى، فاتجهت نحو النيل وأرضعت موسى حتى ارتوى، ثم ألقت الصندوق في النيل فتلقفته الأمواج وأخذت تسير به مبتعدة عن الساحل، وكانت أم موسى تشاهد هذا المنظر وهي على الساحل.. وفي لحظة أحست أن قلبها انفصل عنها ومضى مع الأمواج، فلولا لطف الله الذي شملها وربط على قلبها لصرخت ولانكشف الأمر واتضح كل شئ.
ولا أحد يستطيع أن يصور - في تلك اللحظات الحساسة - قلب الأم بدقة.
لا يستطيع أي أحد أن يصور حال أم موسى وما أصابها من الهلع والفزع ساعة ألقت طفلها في النيل ولكن هذه الأبيات المترجمة عن الشاعرة " پروين اعتصامي " - بتصرف - تحكي صورة " تقريبية " عن ذلك الموقف:
أم موسى حين ألقت طفلها * للذي رب السما أوحى لها نظرت للنيل يمضي مسرعا * آه لو تعرف حقا حالها ودوي الموج فيه صاخب * وفتاها شاغل بلبالها * * * وتناغيه بصمت: ولدي * كيف يمضي بك هذا الزورق دون ربان، وإن ينسك من * هو ذو لطف فمن ذا يشفق فأتاها الوحي: مهلا، ودعي * باطل الفكر ووهما يزهق * * * إن موسى قد مضى للمنزل * فاتق الله ولا تستعجلي قد تلقينا الذي ألقيته * بيد ترعى الفتى لا تجهلي وخرير الماء أضحى مهده * في اهتزاز مؤنس إن تسألي * * * وله الموج رؤوما حدبا * فاق من يحدب أما وأبا